2‏/3‏/2011

الثورة المصرية أفرجت عن الأغاني الممنوعة


قائمة طويلة من الأغاني وضعها اتحاد الإذاعة والتلفزيون ضمن الممنوعات والمحظورات طوال السنوات الماضية. واختلفت أسباب المنع بين انتمائها إلى عصر رئيس أسبق، مثلما حدث مع أغاني عبد الحليم حافظ التي غناها لمشاريع مهمة افتتحت خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مثل الأغاني التي صورت احتفال المصريين بإنشاء السد العالي، أو الأغاني التي تغنت بثورة 1952 يوليوز. وهناك أسباب أخرى للمنع، منها تناول السلبيات التي مرت بها الحياة السياسية في مصر أو الوطن العربي، مثل أغنية «هنا القاهرة» لعلي الحجار وألحان عمار الشريعي وكلمات سيد حجاب، والتي ظلت قرابة العشرين عاما حبيسة الأدراج، وكذلك ألبوم «لم الشمل» أشعار جمال بخيت. وهناك أغنية «الخواجة بن ماريكا» و«إزاي» لمحمد منير. كل هذه الأعمال وغيرها كان نجوم الغناء يتحايلون على الوضع لكي يقوموا بغنائها.
مؤخرا ومع ثورة 25 يناير، حصلت هذه الأغاني على إفراج نهائي، وتم تحويلها من خانة المحظورات إلى طريق النور. وبدأنا نسمع أغاني لم تكن متاحة مثل: «أخي جاوز الظالمون» رغم أنها مخصصة لفلسطين وغناها عبد الوهاب لهذا الغرض، لكنها كانت تمثل حرجا للإعلام المصري أمام العلاقات المصرية الإسرائيلية، و«وقف الخلق» للسيدة أم كلثوم، وأعمال أخرى كثيرة.
الموسيقار محمد علي سليمان يرى أن قرارات منع الأغاني تنتمي إلى مدرسة العهد المنتهي، وهدفها كان تسفيه المجتمع وتسطيحه، بحيث يصبح بلا قرار، ولا فكر ولا استراتيجية. خلال العهد الإعلامي الذي امتد إلى 30 عاما، كان الهدف هو أن يأكل المصري وينام فقط، لذلك تم حجب بعض الأغاني الوطنية الحقيقية التي ساهمت في تشكيل الوجدان المصري في فترة من الفترات، لأن هذه الأغاني كانت تمثل خطرا على أي حكم غير ديمقراطي، لأنها سلاح فتاك ضدهم، ولم ولن تكون في صالح مستقبلهم وبقائهم، لذلك كان البديل هو تقديم الغناء الهابط، والهايف. لأنه بالنسبة إليهم أفضل و«أربح».
الموسيقار حلمي بكر قال إن المشكلة تكمن في إننا قسمنا الغناء إلى قديم وجديد، وجاء المسؤولون عن التلفزيون لكي يقدموا كل ما هو رائج. فهذا الرائج هو غناء اليوم، حيث حدث الانحياز إلى الرخيص، وأصبحت الأغاني القيمة في الذاكرة نستحضرها عندما نتعرض لمشكلة في الدولة، وبالتالي عندما جاءت ثورة الشباب استدعينا أعمال الوطن العظيمة.
وأضاف بكر: «للأسف الشديد، في فترة من الفترات حتى الأغاني ذات القيمة العالية كنا نشوهها لمجرد حذف اسم الزعيم جمال عبد الناصر. ثم وصل الأمر إلى منع بعض أغاني علي الحجار ومحمد منير لأن أعمالهما تحمل نقدا لاذعا. وأنا شخصيا عندما كنت عضوا في لجنة الاستماع كانت هناك تعليمات بمنع أي أغان تحمل إسقاطا سياسيا واجتماعيا، وهو ما عرقل تيار الغناء الجاد».
وأضاف بكر أن هذا الأمر لم يحدث فقط خلال العصر الماضي، لكن خلال فترة الرئيس جمال عبد الناصر، قرر عبد الحليم حافظ عدم الغناء لأفراد، لمجرد تصوره أنه شارك في خداع الجماهير في مرحلة النكسة، وبالتالي بعد العبور غنى «عاش اللي قال» دون ذكر اسم السادات، وهذا ما جعله يتعرض لبعض المضايقات، منها حرمانه من طبيبه الشخصي.
قال علي الحجار: «تهميش بعض المطربين، وحجب الكثير من أعمالنا كان أمرا مقصودا، وأنا شخصيا حضرت واقعة تؤكد هذا. كنت في فيديو (1) بالدور الثاني بالتلفزيون منذ سنوات، وهذا المكان كان معدا لمونتاج بعض البرامج، وكنت وقتها مع المخرج محمد عبد النبي، وفي الجانب الآخر كان هناك مخرج كبير يدعى فتحي عبد الستار، كان يقوم بمونتاج أحد البرامج التي تعتمد على ما تطلبه الجماهير من أغان، وفوجئت بأن هناك أكثر من 13 ضيفا يطلبون أغاني لي، وإذ بعبد الستار يطلب من المونتير قص كل من طلبوا أغاني لعلي الحجار، ويمر عرض الحلقة بأغان لمطربين آخرين. وفي عهد رئيس تلفزيون أسبق، حدث اجتماع لمخرجي البرامج، وتم التنبيه شفهيا إلى عدم عرض أعمالي دون أن أعلم ما هي الأسباب».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق